24 - أبريل - 2024م

خطاب طالب الرفاعي

ليس من السهل أن تكتب، الكتابة فعل صعب، متطلب، مسؤول وله حمولة من التبعات، فعل يجعلك شخصاً معزولاً ومعتزلاً وانعزالياً، بعكس القراءة تماماً، صحيح أنها فعل فردي في جوهره، إدراكي ومتطور في محتواه وأبعاده وانعكاساته على القارئ، لكنه فعل لذيذ، حلو الطعم، ووحدها جائزة تقدر الكاتب هي ما يحول صعوبات الكتابة وورطتها وأثمانها الصعبة إلى حالة مبهجة تروي ظمأ قلب الكاتب..

هذا ما تمكنت من حفظه من كلمة الأستاذ طالب الرفاعي، التي ألقاها مساء الثلاثاء في الاحتفال بافتتاح الدورة الأربعين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، والتي ألقاها بمناسبة اختياره شخصية العام الثقافية هذا العام.

أحببت كلمة الرفاعي كثيراً، ولا أظنني استمعت لخطاب كاتب بكل هذه التلقائية والارتجال المحكم، كما كان في خطابه مساء الثلاثاء، قال لي كثيرون فيما بعد إنهم يعتبرون ذلك الأداء عادياً بالنسبة للكاتب والروائي، فتلك حرفته وملعبه: التلقائية والثقة في مخاطبة الجمهور واللغة العربية الشاهقة، لكنني كنت متأكدة أنهم على يقين بأن ذلك لا يحدث دائماً.

فمن النادر أن نتوقف عند خطاب كاتب أو روائي فائز، وهنا يحضرني ذلك الخطاب المهم الذي كتبه نجيب محفوظ بمناسبة فوزه بجائزة نوبل عام 1988 وألقي بالنيابة عنه؛ لأنه لم يسافر لحضور حفل التكريم.

استوقفتني في الخطاب تلك الإشارات حول التمييز بين القراءة والكتابة، حول عزلة الكاتب مرتين، حول ما يتحمله أهل الكاتب ومحبوه بسبب الكتابة، فحين تختار أن تكون كاتباً عليك أن تعلم بأن كثيرين حولك سيدفعون ثمن هذا الخيار، ثمن مزاجيتك، وعصبيتك، عزلتك، ومتطلباتك، صراخك أحياناً، وقلقك وتوترك وأنت تطارد الفكرة، وتسرج خيول الوقت دائماً لأنك على قلق وعلى سفر دائمين.

مبارك الجائزة أستاذ طالب الرفاعي، أما كلمتك فكانت أشبه بدرس نموذجي في فن الخطاب الذي يستحوذ على سامعيه، ولقد صفقت له كثيراً.

شاهد أيضاً

حمدان بن محمد يأمر بمنح الإقامة الذهبية لأئمة المساجد والخطباء والمؤذنين والوعاظ والمفتين والباحثين الدينيين

للأئمة والمؤذنين نصيبٌ دائمٌ من التكريم في دبي، منذ عهد الشيخ راشد بن سعيد طيب …